| الإيمان والأمان في مواجهة العدوان | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Admin صـــــاحـب المنتــــدي
عدد الرسائل : 919 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 09/04/2008
| موضوع: الإيمان والأمان في مواجهة العدوان السبت مايو 03, 2008 3:20 pm | |
| الإيمان والأمان في مواجهة العدوان الشيخ الدكتور علي بن عمر بادحدح المقدمة الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ... ونحن نعيش هذه الظروف العصيبة ، والتكالب الرهيب ، والعدوان الظالم نحتاج إلى مثل هذه الوقفات والحق أن الخواطر كثيرة ، وأن المشاعر متداخلة وأن الواجبات والمواقف والتنبيه والتوجيه حاجتنا إليه ماسة ومتشعبة ، وحسبنا - بمشيئة الله تعالى - أن نذكر هنا ما عسى أن يكون الأهم فالأهم ، وما سأذكره إنما أذكر خلاصته وأسسه معرضا عن كثير من التفاصيل والتشعبات التي يستحق معها كل قسم من أقسام حديثنا وموضوعنا أن يفرد في محاضرة خاصة به ، ولعلي أشير الإشارات التي ألخص بها ما سيأتي في حديثنا بعون الله : سنبدأ بوقفة مع حقيقة الإيمان ، ثم نعرج على أثر الإيمان بالأمن والأمان ، وننتهي ونخلص إلى أثر الإيمان والأمان في مواجهة العدوان .
حقيقة الإيمان : أمره مهم وعظيم ؛ لأن قضية الإيمان هي القضية الكبرى والمسألة العظمى في حياة البشرية كلها .. قضية الإيمان لأجلها خلق الله الخلق ، وخلق السماوات والأرض ، وأنزل الكتب ، وأرسل الرسل ، ونصب الموازين ، وجعل الحساب والثواب والعقاب ، وخلق الجنة والنار .. قضية الإيمان هي قضية الوجود الدنيوي وما بعد الوجود الدنيوي .. هي قضية الحياة الدنيا وما وراءها في الحياة الأخرى .. هي قضية تتعلق بالإنسان في أعماق نفسه ، وسويداء قلبه ، وخواطر عقله ، وكلمات لسانه ، وأفعال جوارحه ، وطموحات نفسه ، تتناول الإنسان في علاقاته وصلاته ومعاملاته وتشريعاته ، تتناول الإنسان في سائر جوانب حياته المختلفة ، وفي سائر ظروف وتقلبات حياته وأحواله المتنوعة ، ومن ثم فإنه القضية الكبرى التي لابد من العناية بها ، والتذكير بها ، والتعلم لحقائقها ، والتذكير بثوابتها ، والإشاعة لمعانيها ، والتقوية لها في النفوس والقلوب ؛ لأنها هي محور الحياة وجوهرها . وكما قلت لعل هذا يكون كذلك موضوعا كاملا قائما برأسه ولكنا نشير إلى المهم منه : الإيمان ليس مجرد نطق اللسان وإعلان الشهادة وحده فحسب ؛ فإن الله - جل وعلا - قد نفى ذلك بقوله : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ } [البقرة:8 ] ، فأثبت إعلانهم للإيمان ونفى حقيقته عنهم . وليس الإيمان كذلك هو قناعة العقل بصحة البرهان وقوة الحجة على وجود الله أو وحدانيته ؛ فإن ذلك قد كان ظاهراً جلياً لكفار قريش لم يكن عندهم شك في صدق محمد – صلى الله عليه وسلم - ولم يكن عندهم نقص في البراهين والأدلة على ثبوت نبوته ، ومع ذلك كفروا وجحدوا ، وقد أخبر الحق - سبحانه وتعالى - بذلك فقال : { وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً } [ النمل: من الآية14] ، قد كانت الحقائق عندهم في درجة اليقين من حيث وضوح الأدلة ومن حيث قيام الحجة ومع ذلك جحدوا ، والجحد هو الإنكار بعد المعرفة ، لماذا ظلما وعلوا ؟ وقال سبحانه وتعالى : { فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } [ الأنعام: من الآية33 ] ، وقصها وبينها أبو جهل عليه لعنة الله عندما قال: " كنا نتنافس وبنو هاشم الشرف والسيادة ؛ فإن كانت لهم سقاية كانت لنا رفادة ، وإن كان لهم كذا كان لنا كذا ، حتى إذا تساوينا وتجاثينا على الركب قالوا : منا نبي فمن أين لنا بنبي ؟ فوالله لا نصدقه الدهر كله " . فليست القضية مجرد قناعة العقل ولا تسليم القلب بصدق أو بحقيقة هذه المعرفة الإنسانية . وليس الإيمان كذلك هو مجرد العمل أو القيام بأداء الفرائض وحدها مجردا ؛ فإن المنافقين - كما نعلم -خلت قلوبهم من الإيمان ، قال تعالى : { يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ } [ الفتح: 11] ، ويشاركون أهل الإيمان في صلاتهم ، وربما يخرجون أموالاً من زكاة وغير ذلك ، ونفى الله - سبحانه وتعالى - عنهم الإيمان كما بينت آياته - جل وعلا - في مثل قوله سبحانه وتعالى : { وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلا }[ النساء: من الآية142 ] . وأخبر - سبحانه وتعالى - أنهم يتخذون ما ينفقون مغرماً إلى غير ذلك مما هو معلوم . فإذا لم يكن الإيمان نطق اللسان ، وإذا لم يكن هو اعتقاد الجنان وحده ، ولم يكن هو عمل الأركان فما هو ؟!. إنه مجموع ذلك كله ، ومن ثم قال أهل العلم في تعريفه أنه: " اعتقاد بالجنان ونطق باللسان وعمل بالأركان " . وهذا الجمع - لاشك - أنه يحتاج إلى تأمل ، إنه حينئذ يصور لنا شمول هذا الإيمان وعمقه وانتظامه للإنسان في كل خصائصه وانعكاسه من بعد على كل تفاعلاته وأحواله ؛ فإن هذا الإيمان هو اعتقاد القلب ، وهو خفقة القلب بالمشاعر والعواطف ، وهو كذلك كلمات اللسان وضبطها وهو كذلك خواطر العقل والفكر ، وهو كذلك ممارسات الجوارح كلها . وإذا أردنا أن نعمق هذا المعنى ونوضحه ، فالأمثلة فيه كثيرة ، لكنني أشير إلى المعنى وأضرب مثالاً واحداً فنقول : إن الإيمان صبغة جديدة ينصبغ بها صاحبها فتكون له صورة وهوية تنقض كل ما سبقها ، وتخالف كل ما يعارضها ، وتنشئه نشأة جديدة ، قاعدتها وأساسها التوحيد والإيمان ولا إله إلا الله محمد رسول الله ، فيختلف حينئذ عن كل الناس في سائر أحواله .. في أقواله وكلماته .. في آماله وطموحاته .. في أعماله وأفعاله .. في علاقاته وصلاته .. في ولائه وبرائه .. في محبته وبغضه .. في كل شيء ؛ لأن هذا الإيمان يغير فيه إذا كان صادقاً وحقيقياً كل شيء ويجعله منضبطا بهذا الإيمان ، ومنه ينطلق وإليه يرجع ، وفي ضوءه يقيس ، وعلى هداه يسير ، فيحكم الإيمان حينئذ كل شيء في حياته بدءاً من داخله ، وانتهاءً بأعماله وانتهاءً بعلاقاته كذلك .
وهذا مثالٌ نضربه من القرآن ، قصه الله - عز وجل - علينا في قصة موسى - عليه السلام - وما كان مع بني إسرائيل ، والقصة باختصار شديد تعرفون كثيرا من تفاصيلها نقف فيها عند المواجهة التي كانت بين موسى داعية الإيمان وفرعون داعية الكفر والطغيان استعان فرعون بالسحرة وأراد أن يكونوا وسيلة له لإظهار الحق وإطفاء نوره وتشويه صورته وصرف الناس وردهم عنه فقال للسحرة يوم جاء بهم وأرادهم أن يقوموا بهذه المهمة نريد أن ننظر إلى هؤلاء السحرة صورتهم أفكارهم أقوالهم قبل وبعد الحدث الذي وقع لننظر فعلا إلى ما هو التغير لندرك به حقيقة الإيمان جاء السحرة إلى فرعون أول شيء قالوه وأول خاطر خطر لهم وأول أمل تعلقت به نفوسهم. { أَإِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ }[ الشعراء: 41]. ذلك كان مطلبهم ومطمحهم وهذا هو أملهم وأمنيتهم.{ أَإِنَّ لَنَا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِين }[الشعراء: 41]. لم يسألوا هل القضية حق أو باطل ؟ .. عدل أو ظلم ؟ هل تترتب عليها مفسدة أو مصلحة ؟ هل يتضرر بها أحد أو ينتفع بها أحد ؟ لم يكن ذلك يعنيهم في شيء لأنه ليست عندهم مبادئ ولا قيم ولا مرتكزات ولا معتقدات كانت أهواؤهم تسيرهم كان خضوعهم لفرعون وعبوديتهم وذلتهم له تسيرهم ولذلك قالوا هذا القول فقال لهم فرعون، { قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ } [لأعراف:114]. سيزيدهم فوق العطاء المادي عطاء معنوياً بأن يكونوا من أصحابه وخلصائه والمقربين منه . ثم وقعت الواقعة - كما نعلم - ألقوا عصيهم وحبالهم .. سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم وكانوا هم صفوة السحرة وأعلم العلماء بالسحر ليس أحد فوقهم وليس أحد أقدر منهم عليه وفي لحظة واحدة وربما ثانية وحدة، { فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ } (الشعراء:45)، مباشرة في هذه اللحظة عرف أولئك أن هذا ليس بسحر وأنها ليست قوة بشر أدركوا من واقع خبرتهم وعرفوا من حقيقة تجربتهم هذه الحقيقة فمباشرة وصفت آيات القرآن ما الذي وقع { فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ , قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ , رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ } [الشعراء 46 , 47 , 48 ] . وذكر هارون هنا مثير للسؤال لمَ ذِكَروا هارون وهو لم يذكر في تلك القصة والمواجهة ، ولم يلق عصا مع موسى ، ولم يكن له في هذا شأن مذكور ؟ أرادوا أن يقولوا قد آمنا بالمعتقد والمبدأ لا بالصورة الظاهرة والعمل الملموس ، فنحن أدركنا الحقيقة التي وراء ذلك ، وأدركنا المفهوم الذي وراء ذلك، { قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ , رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ }[ الشعراء:47 , 48 ] . نريد الآن لنقف لنرى كيف أصبحت مواقفهم ؟ كيف تغيرت كلماتهم ؟ ما هي الآن طموحاتهم وآمالهم ؟ فرعون كان مجرد ذكر اسمه تنخلع له القلوب ، وتصتك له الركب ، وتدور الأعين في محاجرها خوفاً وهلعاً .. هذا فرعون الذي يعرفون بطشه وجبروته وطغيانه قال: {فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى} [طـه: 71 ] . ماذا قالوا له؟ قالوا: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [ طـه: 72 ]، افعل ما بدا لك ، فلا خوف في قلوبنا منك ، ولا شيء يردنا عن ما أخذنا به من الإيمان والاعتقاد ، لماذا ؟ لأن الأمر قد اختلف ، والتصور قد اتسع ، واليقين قد عظم ، والإيمان قد رسخ ، فنحن لم تعد حياتنا هي الدنيا ، بل أصبحت أعظم من ذلك .. افعل ما تشاء ؛ فإن ما تفعله لا يتجاوز هذه الدنيا وما فيها من الأسباب التي قد يكون بعضها ميسراً لك ، {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [ طـه: 72 ] ، ثم ماذا؟ قالوا: {إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ} [ الشعراء:51] . كانوا يريدون المال ، واليوم يقولون : نحن يكفينا وأملنا وطموحنا وأعظم ما تتعلق به قلوبنا ، وتشرئب إليه أعناقنا أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول السابقين إلى الإيمان والإسلام .. لقد اختلفت مقالتهم ، واختلفت مشاعرهم ، واختلفت مواقفهم ، وظهرت قوتهم وتجلى ثباتهم ما الذي تغير؟ ما الذي طرأ؟ ما الذي جد؟. ليس إلا الإيمان حينئذ نقول الفرق ما بين هذا وهذا في لحظات هو الإيمان الذي أنشأهم نشأة جديدة ، وصبغهم صبغة جديدة ، حولتهم في كل جانب من جوانب حياتهم ظاهرها وباطنها ، فإذا بهم حينئذ ينشؤون ويقفون ويتكلمون ويشعرون ويواجهون بغير ما كانوا عليه من قبل ، هذه صورة موجزة لحقيقة الإيمان .
وأجلى منها وأوضح وأكثر أمثلة ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء إلى العرب وهم في جاهلية جهلاء ، وعماية ظلماء ، وفي كل ما هو معروف من سخف عقولهم ، ومن همجيتهم وحميتهم في الباطل وغير ذلك . ولم يغير فيهم شيئا من اقتصاد ولا سياسة ، ولا اجتماع ، إنما جاءهم بهذا الإيمان والإسلام فأنشأهم نشأة أخرى ، وصاغ منهم أمة فريدة لا نظير لها في تاريخ البشرية والإنسانية .. هذه إطلالة وخلاصة سريعة وليس هذا موضوعنا | |
|
| |
Admin صـــــاحـب المنتــــدي
عدد الرسائل : 919 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 09/04/2008
| موضوع: رد: الإيمان والأمان في مواجهة العدوان السبت مايو 03, 2008 3:36 pm | |
| ننتقل إلى جوهر مهم في موضوعنا وهو: أثر الإيمان في الأمان ونحن نعلم أن الظروف العصيبة تصيب الناس في مكامن ومقاتل مختلفة ، لكن أعظمها وأشدها خطراً أن تصيب يقينهم وإيمانهم فتسلب أمنهم وأمانهم ، لننظر أثر الإيمان القوي الصحيح الراسخ في الإيمان ، ونذكر في ذلك نقاطاً أربع :
الأثر الأول: صحة النهج وصواب الفكر الإيمان يورث رشد العقل ونور البصيرة يصبح المؤمن على بينة من أمره .. يعرف الحق من الباطل ويعرف الحق معرفة جلية واضحة .. لا يلتبس فيها معه غيره من الباطل ويثبت على ذلك ؛ لأنه يرجع إلى أصل وركن ركين وأساس متين مرتبط بما لا يتغير ولا يتبدل من كتاب الله - عز وجل - وسنة رسله – صلى الله عليه وسلم - وهذا يسمونه اليوم بـ [ الأمن الثقافي والفكري ] لا تتبدل أفكارنا ولا تتغير تصوراتنا ، حتى وإن عظم القائلون بما يخالفنا ، وإن أكثروا منه ، وإن نوعّوا أساليب عرضه ، وإن تفننوا بالإغراء به ، وإن شددوا أو أرهبوا في ضرورة التزامه ؛ فإن ذلك عند أهل الإيمان لا يغيرهم مطلقاً ، لا يمكن يوما من الأيام أن يغير شيئا مما هو ثابت قاطع في حقائق الإيمان من آيات القرآن وهدي المصطفى العدنان – صلى الله عليه وسلم - ولعلي أشير إلى معنى تتجلى به هذه الحقيقة في آية من كتاب الله عز وجل : { قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ } [ الأنعام:57 ] . تأملوا أيها الأخوة الأحبة في هذه الآية : {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي } [الأنعام: من الآية57]. وضوح وبيان ومنهج سديد .. ليس من أفكار عقولنا ، ولا من اجتهاد علمائنا ، ولا من مجامع فقهائنا ..كلا ! بل هو من الله - عز وجل - معصوم .. كامل لا نقص فيه .. صحيح لا باطل معه .. ثابت لا شك يعتريه مطلقا .. {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ } [ الأنعام : من الآية57 ] . إن كذبت الدنيا كلها وخالفت ، فلا يعني أن نعود لنراجع أو نبحث لنصحح ، أو نجتمع لنرى هل هذا ما زال عاملاً ، وما زال فاعلاً ، وما زال صحيحاً ؟ أم أنه - كما يقولون - نحتاج إلى إعادة النظر في مناهجنا وإعادة النظر في ثوابتنا وغير ذلك ..{قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِه} [ الأنعام: من الآية57 ] .
قد يقول القائلون - وهذا يقال الآن - : هؤلاء المسلمون .. هؤلاء المؤمنون ما بالهم لا ينصرون؟ هؤلاء الكافرون .. هؤلاء المعتدون ما بالهم يسيطرون ويهيمنون ، ويمد لهم في أسباب العدوان أو في أسباب القوة والهيمنة والسيطرة ؟ كأن بعض الناس ربما يخالط عقله ويخامر نفسه شيء من الاضطراب والحيرة والشك أو التبديل والتغيير ، والله - عز وجل - يقول على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام : {مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ} [الأنعام: من الآية 57] . إن كانت عندكم أفكار وأشياء قد اضطركم إليها أو قذف بها إليكم واقع معين ؛ فإن الثوابت هي التي تحكم عليه ، وهي التي تضبطه وقد جاء خباب بن الأرت -كما نعلم - وقال لرسول الله عليه الصلاة والسلام : " ألا تدعوا لنا ألا تستنصر لنا؟ " وقد بلغ الأمر مبلغه في البلاء والإيذاء الذي حل به وبعض الصحابة - رضوان الله عليهم - فأخبرهم النبي - عليه الصلاة والسلام - بمن كان قبلهم ممن تعرضوا إلى العذاب الشديد . ثم قال- عليه الصلاة والسلام - : ( والله ليبلغن هذا الدين حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم قوم تستعجلون ) . لم يجبهم إلى عواطفهم ..لم يوافقهم على ضرورتهم وإن كان يدعو - عليه الصلاة والسلام - لكن المنهج واضح .. لكن الرؤية جلية ليس فيها غبش .. ليس في أجزائها شيء من التراب مطلقاً ، ولذلك الأمر الفكري نحن لن نؤمن أبداً لا اليوم ولا غداً ولا بعد غد بالديموقراطية الغربية التي يبشرون بها .. لن نغير أبدا في أسس بناء حياتنا الاجتماعية القائمة على كتاب الله وسنة رسوله ؛ لنوافق - كما يقولونه - من أفكار في تحرير الشعوب ، أو حقوق الإنسان ، أو حرية المرأة على مناهجهم المختلة ، وعلى تصوراتهم الفاسدة ، وعلى مناهجهم الزائغة ؛ لأننا لسنا في شك من ديننا ، بل نحن على بصيرة ، وهذا أمر مهم ؛ فإن الأمن الفكري والثقافي هو صمّام الأمان الأول ، وهو خط الدفاع الأول إذا وقع فيه الاضطراب ما جاء بعده . كما نرى - نسأل الله عز وجل السلامة - ممن يتقاذفون هذه المقالات ، ويروجون هذه الشائعات ، ويزينون هذه المفتريات والمبتدعات ؛ لأنهم ليسوا على بينة من أمرهم كما قال الله عز وجل هنا: {مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} [ الأنعام: من الآية57 ]، وكما قلت ليس حديثنا مستفيض في كل نقطة وإنما هي ومضات .
الأثر الثاني: سكينة النفس وطمأنينة القلب فإن الذي تتضح رؤيته الفكرية ، ويعرف الإجابة عن الأسئلة العظمى - كما يقولون - من أين وإلى أين ولماذا ؟ نحن نعرف لماذا خلقنا ؟ وما هو دورنا في هذه الحياة ؟ وما يكون بعد هذه الحياة ، نعرف كذلك أن الكون كله مسير بأمر الله ، وأنه لا ينفذ فيه شيء إلا بقضاء الله ، وأنه لا يغير ولا يدبر شيء في هذا الكون إلا الله ، فنفوسنا حينئذ مطمئنة ، وسكينتنا مستقرة ، وقلوبنا ليس فيها حيرة ولا شك ولا خوف ولا هلع ، ونحن نعلم أن تقلبات الظروف والبلايا والرزايا والمحن والفتن تحيط بالناس ؛ فإن لم يكن عندهم يقين راسخ ، وإيمان ثابت ؛ فإن ذلك يصيبهم بجزع يجعلهم ينكصون على أعقابهم.. { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ } [ الحج: من الآية11 ] . وقد وصف الله - عز وجل - ذلك بأنه الخسران المبين ، ولذلك نبقى على هذه الطمأنينة والسكينة ؛ لأنها هي التي تفيض هذه المعاني النفسية الباطنية القلبية في الإنسان المؤمن . يقول الحق جل وعلا : { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [ الرعد: من الآية28 ] .
والله - سبحانه وتعالى - بيّن أن القين والإيمان هو الذي يجعل الإنسان ثابتاً في وجه المشكلات .. كم من الناس تحل به نكبات أو مشكلات فينـزلها على إيمانه يقول : " لا حول ولا قوة إلا بالله " ، يردد : " إنا لله وإنا إليه راجعون " ، يلهج : " حسبنا الله ونعم الوكيل " فإذا به يعر بالطمأنينة والسكينة ، وتتبدد أمامه تلك المخاطر ، ويتيسر أمامه العسير ، ويصغر العظيم بما يفيض في قلبه - سبحانه وتعالى - من السكينة والطمأنينة ، وغيره مرتجف .. مضطرب .. متحير .. متشكك .. خائف .. جزع .. متراجع .. متخاذل ؛ لأنه يفتقد قوة إيمانه ويقينه ، ولو أردنا أن نفيض في الأمثلة لوجدنا عجباً في سيرة النبي - عليه الصلاة والسلام - .. في سيرة أصحابه - رضوان الله عليهم - وهذا أمره مهم ، وخاصة في وقتنا وظروفنا هذه . في غزوة الأحزاب بين الله - عز وجل - الكرب العظيم ، والخطب الجسيم ، والهول الفظيع الذي حلّ برسول الله - عليه الصلاة والسلام - وصحابته فقال جل وعلا : { إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً } [ الأحزاب: 10 , 11 ] . ماذا قال أهل الإيمان في هذه الحادثة العصيبة والمحنة الرهيبة ؟ . { وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً } [ الأحزاب:22 ]. { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا } [ الأحزاب:23]. والمواقف كثيرة فيما بعد أحد كما أخبر الله عز وجل : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ }[ آل عمران: 173 , 174 ]، إنما يطمئن القلوب ويسكن النفوس هذا الإيمان ، فلا تضطرب ولا تجزع بإذن الله | |
|
| |
Admin صـــــاحـب المنتــــدي
عدد الرسائل : 919 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 09/04/2008
| موضوع: رد: الإيمان والأمان في مواجهة العدوان السبت مايو 03, 2008 3:37 pm | |
| الأثر الثالث: يقظة الضمير واستشعار المراقبة إن الأمن الذي يفرض بقوة العساكر ، أو دقة المراقبة ، أو دوام المتابعة أمن هش ضعيف مهما بلغت أسبابه ؛ لأنه لا يمكن أن يراقب كل أحد ، ولا أن يتابع كل شخص ، ولا أن يعرف ما في خفايا القلوب وفي طوايا النفوس ، لكن الأمن الحقيقي هو الذي ينبع من داخل النفس هو الذي فيه الإيمان ، يردع صاحبه عن المحرمات والمنكرات والعدوان على الحرمات ، ويدفعه إلى القيام بالواجبات وأداء المهمات والمسارعة إلى الخيرات . هذا الإيمان هو مملكة الضمير الحية ، التي عندما غرسها النبي صلى الله عليه وسلم في أمته وأصحابه لم يكن في ذلك المجتمع من المفاسد والمنكرات والجرائم إلا ما يعد على أصابع اليد أو اليدين دون أن يكون في زمانه عليه الصلاة والسلام ولا في زمان من بعده عليه الصلاة والسلام لم تكن هناك بطاقات ممغنطة ، ولا كاميرات تصور ، ولا شرطة تجوب الشوارع والطرقات ، ولا شيء من ذلك ، ومع ذلك ما هي الجرائم التي وقعت ؟ وما هي الاعتداءات التي تحققت ؟ ثم ماذا وقع ما الذي وقع ؟ وكيف اكتشف عندما وقعت بعض هذه المحرمات والفواحش ؟ هل اكتشفتها المتابعات الأمنية ؟ أو توصلت إليها الأدلة الجنائية ؟ أم أن الذي أخرجها إلى حيّز الوجود الحس الإيماني ، واليقظة الشعورية ، والمراقبة لله - عز وجل - والخوف منه - سبحانه وتعالى - إذا أحيينا الإيمان في القلوب فقد نشرنا الأمان في المجتمعات .
ماعز الأسلمي ..قصته في الصحيح ، في لحظة غفلة هوى ، واستزلال شيطان ن وضعف نفس ، وتبرج زينة ، وإغراء شهوة .. وقع في جريمة الزنا ..لم يره أحد ولم تضبطه شرطة ، فأي شيء وقع ؟ تحرك الإيمان في قلبه .. ندم يعتصر نفسه .. أسى يقطع قلبه ألماً ، فيندفع إلى رسول الله - عليه الصلاة والسلام - مقراً معترفاً :"يا رسول الله زنيت فطهرني " ، فيعرض عنه الرسول - عليه الصلاة والسلام - لعله أن ينصرف ، فيأتيه قِبَل وجهه ويكرر ، فينصرف عنه النبي ثانية وثالثة أربع مرات ، لعل به شيئاً يعني لعله شارب للخمر لا يدرك ما يقول فاستنهكوه ، قالوا يا رسول الله :" ما به بأس " قال : ( لعلك قبّلت ! لعلك فاخذت ! ) حتى أقر فأمر النبي - عليه الصلاة والسلام - برجمه فرجم . هل يسجل التاريخ مثل هذا في غير وجود الإيمان ؟ وهل يمكن أن يظهر مثل هذا في غير أثر الإيمان ؟ .
وأبلغ من هذا وأظهر قصة المرأة الغامدية .. جاءت إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - تقر بما أقر به ماعز ، وحديثها في الصحيح كذلك ، فأعرض عنها رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ، فقالت : "يا رسول الله لعلك تعرض عني !كما أعرضت عن ماعز ؛ فإني حبلى من الزنى " ، المرأة وضعها مختلف ، فقال - عليه الصلاة والسلام - يقر حقوق الإنسان الصحيحة ، والرأفة والرحمة الكاملة على وجهها العظيم في سيرته وشمائله عليه الصلاة والسلام : ( اذهبي حتى تضعي حملك ) ، وذهبت دون كفالة حضورية ، ودون بصمات ، ودون صور ، ودون متابعة ، ورجعت بعد تسعة أشهر كاملة ، ما الذي أعادها ؟ كان بإمكانها ألا ترجع .. كان بإمكانها أن تهرب .. رجعت ومعها غلامها رضيع صغير وليد ، فقال لها عليه الصلاة والسلام : ( اذهبي حتى ترضعيه فتفطميه ) ، وهذه رحمته وإنسانيته - عليه الصلاة والسلام - فذهبت به حولين كاملين عامين ، وقبلهما تسعة أشهر ، وهي مصرة رجعت ثانية ومعها غلامها في يده كسرة خبز - دليل على فطمه - فأمر بها النبي عليه الصلاة والسلام فرجمت ، فجاء بعض دمها على أحد الصحابة فلعنها ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( لا تلعنها فإنها تابت توبة لو قسمت على سبعين منكم لوسعتهم) ، هذا هو الإيمان . نحن نقول : عمقوا الإيمان في النفوس يشيع الأمن في المجتمع ، وتشيع الرحمة ، وينتشر الخير ، ويعمّ السلام الحقيقي ، لا المفروض بقوة الأسلحة ولا بكثرة الشرط ولا بغير ذلك. | |
|
| |
Admin صـــــاحـب المنتــــدي
عدد الرسائل : 919 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 09/04/2008
| موضوع: رد: الإيمان والأمان في مواجهة العدوان السبت مايو 03, 2008 3:38 pm | |
| الأثر الرابع: حرية الإرادة وقوة المواجهة ما الذي يضعف الناس خوفهم ؟ ما الذي يجعلهم يغيرون مواقفهم ، ويبدلون آراءهم ، ويغيرون مواقعهم فيكونون مع هذا فيصيرون مع ذاك ، وربما يخونون أمتهم ويبيعون أهلهم ، ويضحون ببلادهم ؟ أي شيء ذلك ؟ إنه لأمرين اثنين يؤثران في حياة الناس: خوف على الحياة، وخوف على الرزق. خوف على الحياة: إذا هدد بحياته غيّر موقفه وغيّر منهجه وغيّر متابعته وولاءه وبراءه ، ما الذي يعصم من ذلك ؟ ما الذي يؤمن الأمة من أن تخترق من داخل صفوفها ومن أن يكون من بين أبنائها من هو عدو لها وممالئ لعدوها؟ إنه الإيمان .. لماذا؟ لأن الأيمان هو حرية عظيمة أتدركون لماذا؟ لأنه يوّحد الإنسان وقلبه واعتقاده ، وكل شيء في داخله في أمر واحد معلق بالله سبحانه وتعالى .. إنه لا يخشى إلا الله ، ولا يرجو إلا الله ، ولا يذلّ إلا لله ، ولا يسأل إلا الله ، ولا يستعين إلا بالله ، كل أمره معلق بالله ، والناس وقوى الدنيا كلها لا يلتفت إليها ، ولا يكترث بها ، ولا تنال من عزمه ويقينه وتصميمه وإيمانه مطلقاً، وغيره على عكس ذلك ، من لم يخف من الله خاف كل أحد سواه ، ومن لم يذل لله ذل لكل أحد سواه ، ومن لم يستعن بالله استعان وطلب معونة كل أحد سواه، ونرى ذلك واضحاً جلياً في واقع حياتنا ، ولعلنا عندما نستحضر الأمثلة في ذلك ندرك حقيقة الأمر . إن حقيقة الإيمان ترسخ أنه لا أحد ينفع ولا يضر ولا يقدم ولا يؤخر إلا الله .. قال النبي – صلى الله عليه وسلم - لغلام صغير لم يطر شاربه بعد ، وهو ابن عباس غلام صغير كان مرافقاً ورديفاً للنبي- تعلمون وصية النبي له – ومنها : ( واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ) .
من يستطيع أن يؤثر على من هذا إيمانه ويقينه .. من يستطيع أن يؤثر على من يؤمن ويوقن بقول الله - عز وجل - : {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: من الآية34]. أنس بن النضر - رضي الله عنه -لم يشهد بدراً فقال : " والله لأن أشهدني الله يوماً كيوم بدر ليرين الله ما أصنع ! " . وهذا قول ممكن أن أقوله أنا وأنت ، لكن لا صدق للقول إلا عند الفعل .. جاءت أُحد وشارك فيها أنس بن النضر ، ووقع ما وقع من التفاف ابن الوليد -رضي الله عنه - واضطراب المسلمين ، ووقوع القتل فيهم وإذا بأنس حينئذ يقول: " واها لريح الجنة والله إني لأجد ريحها دون أحد " كأنما يشم رائحتها .. كأنما قضايا الإيمان تجلت ..كأنما هي حقيقة منظورة ملموسة ، وليست مجرد غيب غير معروف ولا ملموس .. " والله إني لأجد ريحها دون أحد " ، ثم انطلق يعانق الموت ويلتمسه ، ويخترق صفوف الكفار والمشركين ، ويقاتل وتخترطه السيوف ، وتتناوله السهام ، في صحيح البخاري :لم يعرف أو لم يعرفه أحد إلا أخته بشامة أو بنانة له ، قال : وفي جسده بضعة وثمانون ما بين ضربة وطعنة ليس فيها واحدة في ظهره . هل كان هذا يخشى الموت ؟ هل مثل هذا يمكن أن يساوم على حياته ؟ ولعلنا نتذكر الموقف العظيم الذي يجمع بين هذا وذاك في قصة عبد الله بن حذافة السهمي - رضي الله عنه - الذي كان مأسورا عند الروم فسأله ملكهم : أترجع عن دينك وأعطيك شطر ملكي ؟ قال: لا ، قال : وأعطيك كل ملكي ؟ قال: لا قال: ولو أعطيتني الدنيا وما فيها ، فأراد أن يأتيه بجانب آخر ، جاءوا بقدر كبير وزيت أشعلوا ناراً فصار الزيت مغلياً ، وأتوا ببعض أسرى المسلمين يغمسونهم في هذا الزيت ، يدخل أحدهم لحماً ويخرج عظماً ، وعبد الله ينظر وبعد واحد واثنين وثلاثة دمعت عينه - رضي الله عنه - فأخبر الملك ، فقال: علي به ، ظن أنه قد لان وهان وذل وتابع وغيّر وبدل ، فلما جاءه وجده على ما هو عليه ، قال : فما بكاؤك ؟! قال : لقد علمت أن لي نفسا واحدة تغمس في هذا القدر فتزهق في سبيل الله ، ووددت لو أن لي بعدد شعر رأسي أنفسا تزهق كلها في سبيل الله . كان يفكر في ميدان آخر ..كانت مشاعره غير ما يفكر به ألئك الدنيويون الخائفون الجبناء الأذلاء . ولذلك يقول علي رضي الله عنه: أي يومي من الموت أفر **** يوم لا يقدر أو يوم قدر يوم لا يقدر لا أرهبه ومن **** المقدور لا ينجوا الحذر ونعرف في هذا أمثلة كثيرة ، لعلي أختم بمثال حبيب بن زيد - رضي الله عنه - يوم بعثه الرسول إلى مسيلمة الكذاب ، فكان يقول له : " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله " ، فيعيد عليه مسيلمة يريد أن يقول : " وأن مسيلمة رسول الله " ، فيقول : لا أسمع .. لا أسمع ، فيكرر عليه ، فيقول : لا أسمع ، فيبدأ بقطع أعضائه .. يقطع أذنه ، ثم يقطع أنفه ، فقطع أوصاله حتى سمت روحه إلى بارئها .. لن يغير موقفه ، ولن يبدل ، ولم يكن ذلك الذي يمكن أن يساوم على دينه ، ولذلك قوة الإيمان حرية لا يستطيع أحد أن يملك بها شيئا تغير به معتقدك. قد تملك سوطا يكويني **** وتحز القلب بسكيني لكن سلطانك لن يرقى**** لذرى إيماني ويقيني وهكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم.
وكذلك التحرر من الخوف على الرزق: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذريات:58]. {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذريات:22]. {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: من الآية6]. أفإذا أعطينا غيرنا أو منعنا بدلنا ؟ أفلا نرى المواقف اليوم وهي تباع وتشترى بالدرهم والدينار ، أو بالجنيه والدولار ؟ أفلا نرى ذلك الضعف والاختراق الأمني الخطير في صفوف الأمة الإسلامية ؟ منشؤه عدم وجود هذا الإيمان. كعب بن مالك - رضي الله عنه - من المخلفين الثلاثة .. قوطعوا .. منع الحديث معهم ، قال عن نفسه : "حتى ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت " عندما كان هذا التغير في هذا الفرد علمت الدولة العظمى بذلك ، وكانت تعلم أن الصف متماسك ، ولسان حالها : " لعل هذه لبنة يمكن أن يكون الاختراق منها .. لعل هذا الغاضب الآن على أهله وقبيلته أو عشيرته أو أمته أو أهل ملته .. لعله الآن يكون مهيأ لينتقل إلى صفوفنا ، وليكون من أوليائنا ، ولنجعله سهماً ورمحاً نطعن به في خاصرة أعدائنا " فأرسلوا إليه ، وكعب يقص القصة قال: " فإذا رجل من الأنباط يسأل عني فأشاروا إلي فجاءني فأعطاه رسالة ، ماذا فيها ؟ " قد علمنا أن صاحبك قلاك ـ يعني محمد صلى الله عليه وسلم، قلاك: يعني هجرك ـ فالحق بنا نواسك ، ولم يجعلك الله بأرض مضيعة " . تعال إلينا .. أقبل علينا سوف نعطيك ونعطيك ونجعلك ونقدم لك .. والذي يبيع موقفه يباع كما باع ،والذي يذل لا يلقى شيئا لا من دنياه والعياذ بالله ولا من أخراه وهذه قضية مهمة لعلنا نجعلها في أولى الأولويات في قضية هذه الآثار الإيمانية وللشافعي رحمه الله مقالة جميلة يقول فيها: أنا إن عشت لست أعدم قوتاً **** وإذا مت لست أعدم قبرا همتي همة الملوك ونفسي **** نفس حر ترى المذلة قهرا من كان يوقن بذلك لا يبيع نفسه بدرهم ولا دينار،
الفضل بن دكين من علماء الإسلام عندما جاءت فتنة خلق القرآن كان هو ممن يدرسون ويأخذون أجراً من بيت المال ، فلما دعي إلى هذه الفتنة امتنع منها قالوا: إذن نقطع عنك جرايتك ، فأي شيء صنع وفعل ؟ قال: " ما دنياكم التي عليها تحرصون إلا كزر قميصي هذا " ثم خلعه ورمى به في وجوه القوم .. هذه قوة تستعصي على أي انجذاب أو تغيير أو تمييع أو استمالة . وكما قال الذهبي في ترجمته: وكان في بيته أربعين نفساً - يعني أسرته ومن يعولهم أربعين نفساً - لم يفكر كيف سيأكلون ؟ كيف يؤمن حياتهم ؟ لأن يقينه بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين قال: فما جاء الليل هو يقص كما ذكر الذهبي في السير قال: فما جاء الليل إلا وطارق يطرق ففتحت فإذا رجل شبهته بسمان يعني مهنته كأن في يديه شيئا من السمن قال: وإذا به يدفع لي كيسا فيه ألف دينار ثم يقول: ثبتك الله كما ثبت هذا الدين ، وإذا كان آخر كل شهر كان مثل ذلك .. {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ } [الطلاق:3-4] وهذه قضايا إيمانية مهمة في أحوالنا الملمة ، نحتاج إلى أن نتأملها وأن نتدبرها ، والآن وإن كان الوقت قد طال بنا في هذا لكنني أراه مهماً ، وما سيأتي أكثر أهمية لعلنا نستطيع - إن شاء الله - أن نذكر بالمهم من المسائل والتوجيهات التي نحتاجها في هذه المصيبة والملمة ، التي نسأل الله عز وجل أن يكشفها عن الأمة وأن يفرج عنها بإذنه سبحانه.
أولاً نريد الجوانب المتعلقة بالجهة الإيجابية للعمل ، وقبل ذلك لابد من معرفة الحقائق ، وبينهما لابد من الاجتناب والارتكاز على المبادئ : إن المواقف لا تبنى على المصالح ، وإن الأحكام لا تؤخذ من الأهواء وإنما ترجع إلى الأصول الثابتة الجامعة ، والجمل الجامعة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم | |
|
| |
Admin صـــــاحـب المنتــــدي
عدد الرسائل : 919 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 09/04/2008
| موضوع: رد: الإيمان والأمان في مواجهة العدوان السبت مايو 03, 2008 3:38 pm | |
| حقائق العمل الإيجابي أول الحقائق أيها الأخوة : معرفة حقيقة أعدائنا وهذا أمر مهم ؛ فإن أمريكا وغير أمريكا ليس عداؤها للإسلام اليوم ، وليست مواجهتها لأمة الإسلام في هذا العدوان على العراق ، بل هو أعظم من ذلك وأشمل وأوسع ، ولابد أن ندرك هذا وأن نعرف من التاريخ الحديث قبل القديم هذه الحقائق ، ولعلنا نشير إشارات سريعة إلى بعض ما يدل على ذلك ويوضحه ويكشفه حتى نكون على صورة بينة واضحة. هذه القيادة المعاصرة للقوة العظمى - كما يسمونها -صرح رئيسها عند توليه مقاليد الحكم أي قبل أن تحدث الأحداث التي يرجعون إليها هذه التوجهات والحرب التي يزعمونها على الإرهاب يقول في حديثه: " إن لأمريكا زمن القوة العسكرية التي لا منافس لها ، وطريق الأمل الاقتصادي والنفوذ الثقافي ، إنه السلام الذي يأتي بعد الانتصار الساحق " . هذا هو المفهوم ، وهذا هو التوجه .. وفي وثيقة السياسة الخارجية التي اتخذها هذا الرئيس أيضاً يقولون في وصفها والذي قدمها بين يدي ركنه " إنها يمينية من حيث الأديولوجية أي العقيدة ببعديها السياسي والديني ، تسعى لتحقيق مصلحة قومية عليا كونية اقتصادياً وثقافياً ، وتتجاوز كل تحرك أمريكي من أجل هذا على مدى القرون الماضية ، إنها الحركة التي تعكس كياناً إمبراطورياً يسعى للوجود في كل بقعة من بقاع الأرض " . وفي تصريح لمدير مكتب التخطيط للسياسة الخارجية الأمريكية يقول : " الهدف الأمريكي للسياسة الخارجية الأمريكية في القرن الحادي والعشرين ما هو؟ هو إدماج بلدان ومنظمات أخرى في الترتيبات التي ستدعم عالماً يتسق مع المصالح الأمريكية وغطرستهم وطغيانهم واضحة في كل ما هو معلن ، مما يحتاج أن نكشفه ، وأن نقرأه ، وأن نعرف به استراتيجية الأمن القومي التي عرضت على الكونجرس الأمريكي التي تقول: أمريكا ستعمل على حسم المعركة مع العالم الإسلامي ، وأمريكا لا زالت مستمرة للحصول على دعم المجتمع الدولي ، إلا أننا لن نتردد في اتخاذ خطوات من جانب واحد إذا لزم الأمر ، وسنشن حرب أفكار لننتصر في المعركة " . ويقول نائب وزير الدفاع: " ينبغي منع أي قوة معادية من السيطرة على مناطق يمكن لثرواتها أن تجعل هذه القوة قوة عظمى ، كما ينبغي تثبيط عزيمة الدول المتقدمة إزاء أي محاولة لتحدي زعامتنا ، كما علينا التنبه والتوقع لأي بروز يحتمل منافسة لنا على مستوى العالم " . وحتى ندرك طريقة الهجوم والعداء ، وأنه لا يتعلق بالجانب العسكري نضيف نصاً من استراتيجية الأمن القومي: " إن هناك نظاما للقيم الأمريكية لا يمكن المساومة عليه ، وهذه هي القيم التي نتمسك بها " . ويقول هذا النص: " وإذا كانت هذه القيم خيرة لشعبنا فهي خيرة لغيرنا ، ولا نعني أننا نفرضها بل نعني أنها قيم الهيبة " . يعني أيضا تفرض بالقوة التي يزعمون أنها حرية الشعوب وغير ذلك وأما الجانب الآخر فإن كل ما يقولونه من الديموقراطية وحقوق الإنسان وغير ذلك مما يخدع وللأسف بعض المسلمين .. هو قضية مكذوبة ليس بقولنا وليس من عندنا ولا بأدلة كتابنا وسنة رسولنا ، فذلك لا يقبلونه ولكنه بواقع الأمم والدول المختلفة التي لا تدين دين الإسلام ، وهي تشكو من هذه القوة الباغية الطاغية هناك مجال لذكر كثير من هذه الحقائق ، ولكننا نقول والأمر واضح وبين في التجربة القريبة لأفغانستان الحبيبة ، كل ما يقولونه اليوم قالوه من قبل فهل تحقق شيء منه ؟ وهل رفرف الرخاء الاقتصادي ؟ وهل ظلل الأمن الاجتماعي ؟ وهل شاعت العدالة ؟ وهل ملك الأفغان أمرهم ؟ وهل رحلت عنهم القوات الأجنبية ؟وهل ..وهل.. وهل؟ سبحان الله ! كيف يغتر الناس ويصدقون الكاذب رغم قرب كذبه وظهور كذبه بأمر واضح بين لا يحتمل لبسا ؟ حتى الديموقراطية التي يزعمونها قد نقضوها حتى في مجتمعاتهم ، وبالأمس أمريكا دولة الحرية والديموقراطية تعتقل اثنين من الحاصلين على جائزة نوبل للسلام ، لأنهم عارضوا الحرب ووقفوا معارضين لها في مظاهرت داخل أمريكا ، ونحن نسمع ونسمع الكثير من العجائب والغرائب ، ومع ذلك من بني جلدتنا ومن المسلمين من لا يزال يكذّب كل هذا ، ويكذّب شعوب الأرض ، ويكذّب حتى الأمريكان الذين يستقيل بعض مسؤوليهم كما سمعنا هذا اليوم الكبار معترضين على أمور هنا وهناك ، ونرى بعد ذلك الشعوب كلها وهي تعارض ، وبعد ذلك يقولون : إن هذا يفعل باسم الديموقراطية ، وباسم القوانين الدولية ، وأنه يسعى إلى تحرير الشعوب المضطهدة للحفاظ على ثرواتها ، وإلى تقديم الخير لها ، فلابد من تجلية هذه الحقائق ومعرفتها ، ولابد من كشف الزيف والزيغ الذي قد يكون ملتبساً عند بعض الناس ؛ لأن معرفة الحقائق هي الأساس الذي نلجأ إليه أو نعتمد عليه في التصورات التي تأتي بعد ذلك .
ولعلنا ننتبه أيضا إلى نقطة أخرى تتبع هذه القضية وهي: ما الذي نرجع إليه؟ ما الذي نستند إليه في معرفة هذه الأحوال والحكم عليها؟ وهنا أشير إلى ثلاث نقاط إشارة موجزة مختصرة : الأول: المرجعية العليا المطلقة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فهي الحاكمة على القوانين والشرائع الوضعية ، وهي الحاكمة على الأحوال والوقائع الحياتية ، ونرجع فيها إلى الجمل الثابتة والثوابت القاطعة من كتاب الله ن وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا نختلف على أمور فرعية . إن القاطع الواضح البيّن - كما سنذكر لاحقاً - من الأمور التي ليس فيها قولان كما يقولون ، تستطيع الأمة أن تجتمع عليها وأن تأخذ بها .
الأمر الثاني: تقدير وتغليب المصالح على المفاسد بالمقياس الشرعي لا بمقياس الأهواء والمصالح الذاتية وهذا أمر معتبر كما قال شيخ الإسلام: " ليس المسلم الذي يعرف الخير من الشر ولكنه الذي يعرف خير الخيرين وشر الشرين " ، وقد ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - أموراً لم يتركها لحرمتها ، بل ربما كان الداعي لها موجوداً ، ولكنه تركها ؛ لأنه قد يترتب عليها مفسدة أعظم كما صح في الحديث عنه - عليه الصلاة والسلام - عند البخاري من حديث عائشة أنه قال: ( لولا أن قومك حديثو عهد بإسلام لأمرت بنقض البيت وبناءه وجعلته على بابين على بناء إبراهيم الخليل عليه السلام ) وترجم البخاري لهذا الحديث باب ترك الأمر لدرء المفسدة أو قريبا من هذا العنوان . وهذا من فقه الإسلام وقواعد الشريعة تضبطهم ، والقواعد الكلية والمقاصد الشرعية مرعية في ذلك ومراعاة فيه ، ويرجع فيها إلى هذه الأصول والقواعد الثابتة ، وإلى أهل العلم الراسخين المخلصين الثابتين على الحق ، الذين يحرصون أن يكونوا على حق ، وأن يخلصوا لهذه الأمة ولدينها ولثوابتها .
الأمر الثالث: مراعاة المآلات والنظر في العواقب بحسب الاجتهادات فإن بعض المآلات قد يكون ظاهراً بيّناً ، وقد بنى أهل العلم كثيراً من الأحكام على ذلك وبينوها ، وقد جاء كذلك في أصول آيات القرآن وسنة النبي - عليه الصلاة والسلام - ما يشير إلى ذلك ، وإذا كان على سبيل المثال كما قال الفقهاء: إذا كان الجرح مما يكون فيه السراية يلزم القطع ، هناك جرح أو مرض بالظاهر ، وغالب الظن أنه سوف يمتد ليتلف العضو كله فهل ننتظر حتى يقع ذلك ، ثم نقطع أو نعالج يمكن المبادرة إذا كان الأمر ظاهراً في هذه المآلات ، وذلك يحتاج إلى بصيرة بالواقع وعلم به ، إذا عرفنا ذلك عرفنا كيف نتخذ المواقف الصحيحة | |
|
| |
Admin صـــــاحـب المنتــــدي
عدد الرسائل : 919 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 09/04/2008
| موضوع: رد: الإيمان والأمان في مواجهة العدوان السبت مايو 03, 2008 3:39 pm | |
| وقفتان أخيرتان الأولى: في المواقف المهمة التي يكثر السؤال عنها. والثانية: في التوجيه للعمل والإرشاد إلى الواجب في هذه الأحداث الملمة.
أما الأول: فهو الحكم المتعلق بالاعتداء على المسلمين وعلى بلادهم خاصة ، و نعني بهذا الحكم الحكم على أهل البلاد - أي أهل العراق - هنا أمر واضح قد قال العلماء بالقطع والجزم به والإجماع عليه وهو: إذا اعتدى الكافرون على بلد مسلم وأهله المسلمين ؛ فإنه يجب جهادهم وقتالهم ودفعهم ، وهذا معروف عند العلماء بجهاد الدفع والنوع الآخر هو جهاد الطلب : أي الذي يطلب فيه المسلمون غيرهم وينتقلون إلى البلاد لينشروا رحمة الله - عز وجل - ونور الإسلام ، فمن منعهم جاهدوه وقاتلوه ، قال ابن عبد البر رحمه الله: " والفرض في الجهاد ينقسم إلى قسمين: أحدهما فرض يتعين على كل أحد ممن يستطيع الدفاع ، والقتال ، وحمل السلاح من البالغين الأحرار ، وذلك بأن يحل العدو بدار الإسلام محارباً لهم ، فإذا كان ذلك وجب على جميع أهل تلك الديار أن ينفروا ويخرجوا إليه خفافاً وثقالاً ، وشباباً وشيوخاً ، ولا يتخلف أحد يقدر على الخروج من مقاتل ومكثر " . وقال النووي رحمه الله : " وإن دخل بلدة أي العدو يتعين على أهلها - أي الجهاد - وأما أهل غير تلك الناحية فمن كان منهم على دون مسافة القصر فهو كبعضهم حتى إذا لم يكن في أهل البلدة كفاية وجب على هؤلاء أن يطيروا إليهم واستشهدوا بذلك ي قول جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [ التوبة: من الآية123] . وبقوله جل وعلا: {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} [التوبة: من الآية120] " .
ثمت أسئلة أو اعتراضات قد ترد على هذا ، ومنها: أن نظام العراق نظام بعثي والبعث في عقائده كفر صريح ، لكننا لن نحكم على أعيان الناس بكفرهم ، ونقول إن أهل العراق كلهم أهل بعث ، كلا ! أكثرهم أهل إسلام وإيمان ، وجهاد الدفع لا تطلب فيه الراية ، بل لأنه يدافع عن نفسه ، وعن عرضه ، وعن ماله ، وعن داره ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ( من قاتل دون عرضه فهو شهيد، من قاتل دون ماله فهو شهيد ) فلا يقال : إن هذا القتل يكون تحت راية عونية أو كافرة ، وحتى لو كان ذلك فإن فيه أمران: الأمر الأول: أنه ليس كل أحد من أولئك ، حتى الحزبيون يقولون بكل هذه الأقوال الحزبية الكفرية ، بل كثيرهم أو بعضهم ، كما وقع في السنوات الأخيرة قد أصبحوا يصلون ويصومون ويتلون القرآن ويحفظون أشياء منه. الأمر الثاني: أنه قد تكون تقديرات المفاسد والمصالح ، فهذا وإن كان كفراً لكننا نعلم أن عداء أمريكا أعظم ، وقوتها أوسع ، وأن الضرر الناجم عن ما يكون من وراء ذلك أخطر وأشد فتكاً ، ونحن نسمع ونعلم ويقال ذلك صراحة ، إن هذه إنما هي خطوة ، وإن الحرب العسكرية إنما عي صورة من الصور ، وأن المطلوب - كما هو مذكور - أن يغيروا سياسات واقتصاديات واجتماعيات ومناهج وتعليم وكل شيء في هذه المنطقة ليهبوهم الحرية على تصوراتهم و.. و.. إلى آخر ما هو معلوم ومذكور في مثل هذا ، ولابد أن ننتبه إلى هذا المعنى .
موالاة الكفار الذي يكثر الحديث عنه أيضا - وهو مهم جداً - وهو الموالاة والمحاربة مع الكفار ضد المسلمين ، وهذه قضية مهمة وخطيرة ، وللقرآن فيها نصوصه واضحة وجلية وصريحة كما في قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } [ المائدة: من الآية51 ] . وكما في قوله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْأِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [ التوبة:23 ] . وكما في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [ الممتحنة:1 ] . قال ابن جرير في تفسيره على الآية الأولى : " من تولاهم ونصرهم على المؤمنين فهو من أهل دينهم وملتهم ؛ فإنه لا يتولى متول أحدا إلا وهو به وبدينه ، وما هو عليه راض وإذا رضيه ورضي دينه فقد عادى ما خالفه وسخطه وصار حكمه حكمه " ، ويرد على ذلك ما قد يقوله بعض الناس : إنهم ليس لهم خيار ، وإنهم مضطرون ، أو محتاجون أو غير ذلك من التبرير .. نقول : المسألة هنا فيها قضية مهمة فاصلة ، وهي أن هذا الاضطرار المزعوم والإكراه إن وجد يترتب عليه سفك دم المسلم ، وهذه قضية مختلفة لو كان الإكراه أو الاضطرار فيه ثم دون ذلك يمكن أن يكون موضعاً للأخذ والرد ، أما وإنه يترتب عليه بشكل واضح قاطع سفك دماء المسلمين وإزهاق أرواحهم فإنه لا يسوغ ولا يجوز ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " إذا كان المكره على القتال في الفتنة ليس له أن يقاتل بل عليه إفساد سلاحه ، وأن يصبر حتى يقتل مظلوماً ، فكيف بالمكره على قتال المسلمين مع الطائفة الخارجة عن شرائع الإسلام " ، ثم قال : " لا ريب أن هذا يجب عليه إذا أكره على الحضور ألا يقاتل " قال : " ولو أكره رجل رجلا على قتل مسلم معصوم - أي معصوم الدم - فإنه لا يجوز له قتله باتفاق المسلمين وإن أكرهه بالقتل فإنه ليس له حفظ نفسه بقتل ذلك المعصوم أولى من العكس " . وحسبنا في ذلك حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه) والأمر كما قلنا في هذا أيضا واضح ومهم جداً .
الموقف ممن يقاومون من إخواننا العراقيين نحن نقول : إن هؤلاء في صورتهم الحالية يدافعون عن من جاء إلى بلادهم واعتدى عليهم وغزاهم في عقر دارهم ، وهم يدفعون بذلك عن أنفسهم وأعراضهم وأموالهم .. نقول : إن هذا في حد ذاته ولو لم يكن من أهل إسلام وإيمان يستحق من أهل الإسلام أن ينصروا ، وأن يؤيدوا ، وأن يثبتوا ، وأن يعينوا ؛ لأن نصر المظلوم قد كان حتى في الجاهلية ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر فقال كما في الصحيح عند مسلم : (لقد شهدت في بيت عبد الله بن جدعان حلفا لو دعيت إليه في الإسلام لأجبت) ما هو هذا الحلف ؟ حلف الفضول لما تداعت قريش أن لا يكون في مكة مظلوم له حق إلا انتصروا لظلمه ، وردوا حقه .. جاهليون مشركون كانوا إعظاماً لحرمة البيت يرون نصرة المظلوم ، ثم إننا نقول : كثير من أهل العراق ، وخاصة في الآونة الأخيرة قد حسن إقبالهم على الله ، وتوبتهم إليه ، وكثرة طاعتهم ، والمساجد ممتلئة ، والقرآن حلقاته وحفظه منتشر ، وغير ذلك كثير ، ولكننا نقول : في الوقت نفسه نحن لا نؤيد البعث ، ولا نقرّ به ، ولا نقرّ عقائده ، ولا نقرّ من يتبنى هذه العقائد أو يحملها أو يرفعها ، ولذلك نقول لهم : نحن معكم ، ونذكرهم فنقول : أخلصوا دينكم لله ، واجعلوا جهادكم أو مقاومتكم ابتغاء مرضات الله ، فتنالون حينئذ خيري الدنيا والآخرة .. لا ترفعوا راية بعثية ، ولا تكونوا مع جهة حزبية لا تدين لله - عز وجل - ولا تؤمن برسوله صلى الله عليه وسلم ، ولا تغلب مصلحة الإسلام ، ولا ترفع رايته ، ولا تستحضر أن المواجهة بين الكفر والإسلام ، وإنما هي مواجهة مصالح أو مطامح أو قوى أو نحو ذلك ، فهذا أيضاً مما ينبغي أن نذكره ، وأن ننبه عليه ، وأن نستشعره بإذن الله عز وجل ، ولا شك - كما قلت - أن الذي يعين على هذا ويوضحه كثيرا قضية : معرفة ما وراء هذا الهجوم من أهداف اقتصادية ، وسياسية ، وفكرية ، ومنهجية ، وخطؤها المتعدي على العراق إلى سائر البلاد ، ولا نشك أبداً أن أكثر البلاد استهدافاً هي هذه البلاد لما فيها من الحرمين الشريفين ، ولما فيها أصلاً من صبغة إسلامية أكثر ، وأوضح ، وأظهر ، وأشهر من كل البلاد ، ونحن نعلم أن النظم وأن السياسات المقرة المعتمدة كلها صيغتها إسلامية ، لا يعني أننا قد نلنا كمالاً ، وأنه ليس هناك تقصير ، وأنه ليس هناك تفريط ، وأنه ليست هناك مخالفات ، ولكن نحن نعلم أن هذا الخير الموجود مستهدف أكثر من كل شيء ، فلا ينبغي أن يكون نظرنا إلى النقص أو القصور مانعاً لنا أو صاداً لنا على أن ننظر إلى الخطر الداهم ، بل بالعكس ينبغي لهذا الخطر الداهم أن يجعلنا نتحد في مواجهته ، وأن نحسن التناصح والتدارك لما نحن عليه من شيء القصور أو التفريط ؛ لأننا سنذكر الآن جملة من هذه الأمور التي نحتاجها | |
|
| |
Admin صـــــاحـب المنتــــدي
عدد الرسائل : 919 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 09/04/2008
| موضوع: رد: الإيمان والأمان في مواجهة العدوان السبت مايو 03, 2008 3:40 pm | |
| الأمر الأول : ضرورة الاعتصام بالكتاب والسنة والرجوع إليهما والإكثار من الصلة بهما فبهما - كما قلنا - نور البصيرة ، وسكينة النفس ، وطمأنينة القلب ، وبهما وضوح المواقف ، وبهما جلاء الأحكام والمفاصل التي يحتاج إليها المسلم مع استعانته بعد الله - عز وجل - بأقوال أهل العلم الراسخين من المخلصين بإذن الله عز وجل .
الأمر الثاني : الحرص على الوحدة والائتلاف ونبذ الفرقة والاختلاف إن أحسن هدية ، وأعظم فرصة تقدم للأعداء أن تختل صفوف المجتمعات والدول والبلاد الإسلامية من داخلها ، وأن يكون بينها تنابز بالألقاب ، وتباعد في الآراء ، واختلاف في المواقف يتطور أحياناً إلى أن يكون خصومة ونزاعاً ، أو أن يصل إلى أن يكون قتالاً واقتتالاً ، وهذا هو الذي يقر أعين الأعداء ، ولذلك نقول : قد يختلف اجتهادي مع اجتهادك ، وقد يكون لك رأي ولي رأي في بعض المسائل ، وقد يكون ثمة طريق للإصلاح تراه آخر يرى غيره ، وقد يكون لعالم تصور في درء هذه المفاسد ولآخر غير ذلك . ينبغي أن يكون هذا الاختلاف في مثل هذا سبباً لأن نثير الفتنة والبلبلة ، وأنه نعظم الشقة ، ونكثر من الاختلاف والخلاف ، حتى ولو رأينا ما نظنه قصوراً ؛ فإن حسن التأتي مهم ، وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم الأحزاب كتم ما علمه يقيناً من نقض قريظة للعهد ؛ حتى لا يثير البلبلة ، وحتى لا يكون هناك إشكال في داخل المجتمع .
الأمر الثالث: الحذر من الإرجاف وترويج الشائعات وكثيرة هي الأقوال التي تقال ليس لها خطام ولا زمام ، وليس لها دليل ولا برهان ، لا تنقل شيئا ما لم يكن بينّاً واضحاً ، وحتى لو كان بينّاً واضحاً إن لم تكن في نقله مصلحة واضحة ينبغي أن تفعل ؛ فإن النبي - عليه الصلاة والسلام – قال : (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) ، قيل : حتى ولو كان الكلام حقاً ، إن ترتبت عليه مفسدة في سوء فهم الناس ، أو صدهم وإعراضهم عنه ؛ فإنه يكون السكوت عنه هو المطلوب ، وقد قال علي بن أبي طالب كما ورد عند البخاري في الصحيح : " حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يُكذّب الله ورسوله " ، لا تأتي للناس بما لا تحتمله عقولهم فيصدون ويعرضون ، وينكرون ثابتاً من كتاب الله أو من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم . وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود - رضي الله عنه – قال : " ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة " قال الشاطبي - رحمه الله - في الموافقات : " هذا من الابتداع " ، يعني تحديث الناس بما لا يعرفون .. قوم من العوام لا يحسنون هذا تأتيهم بكلام يفهمونه على غير وجهه ! لا ينبغي لنا أن ننقل الكلام وأن نشيعه وأن نسمع طرفاً من القول فنردده ، وهذا من البلايا ، وقد ورد في التاريخ أن عثمان - رضي الله عنه - لمّا سمع بعض ما يقال عليه من بعض هذه الشبهات قال في يوم موسم الحج : " لأقومن مقاماً حتى أبيّن وأجلّي كل شيء " ، يعني أراد أن يتكلم في الناس ، ويقول يقولون كذا وكذا ، فقال له عبد الرحمن بن عوف : " يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس ورب كلمة يطيرها عنك مطير " من يفقه مع هؤلاء الناس ؟ لابد أن نحسن أين نضع الكلام ؟ وأين نقوله ؟ ولمن نقوله ؟ لا يكون همّنا هو النقل ، وكثرة هذا النقل بعضه مغلوط ، وبعضه مغشوش ، وبعضه ليس بصحيح ، وبعضه قد يكون صحيحاً لكنه ليس نافعاً ، لهذا إذا سمعت قولاً فتحرّى فيه ، وتثبت منه ، وأرجعه إلى بعض من تثق بعلمه ، وحسن حكمته وسياسته ودرايته ، لا ينبغي لنا أن نكون نحن من أسباب البلبلة التي تثار ، كما جاء في بعض الأسئلة من انتقادات يسألون عن انتقادات العلماء أو معارضة الولاة ، هذا لا ينفع في هذا الوقت ، وهذه أمور من الأمور التي يلبس بها الشيطان على الناس ، لا يعني أن تقر خطأ ، ولا يعني أن توافق على باطل ، كلا ! ليس ذلك ، لكن ثمة خطر أكبر لابد أن نئتلف على مواجهته ، ولابد أن نراجع أنفسنا بالحكمة والبصيرة والدعوة وحسن التأتي ؛ حتى نحقق المصالح ، وندفع المفاسد بإذن الله سبحانه وتعالى . | |
|
| |
Admin صـــــاحـب المنتــــدي
عدد الرسائل : 919 العمر : 41 تاريخ التسجيل : 09/04/2008
| موضوع: رد: الإيمان والأمان في مواجهة العدوان السبت مايو 03, 2008 3:40 pm | |
| الأمر الرابع: عدم إشاعة ما يدخل الرعب أو اليأس في قلوب الناس وقد جاء هذا في الأسئلة عظموا هذه القوة الأمريكية .. عندها كذا من الصواريخ ، والأسلحة النووية ، والتسنط ، والتجسس ، والرصد والبث ، وغير ذلك ، حتى لو كان صحيحاً لمَ نقوله ؟ حتى نجعل الناس يكون في نفوسهم شيء من التهويل أو التعظيم لأعداء الله ، كلا ! والله إنهم أحقر وأدحر وأرذل وأحقر من أن يكونوا أصحاب قوة وهيبة وقد خلا الإيمان من قلوبهم ، وذهبت الاستقامة والفطر السليمة من نفوسهم ، وإنهم - والله - لأحقر من ذلك ، وينبغي لنا أن نشيع غيره ، وعكسه أن نشيع ما رأيناه بأعيننا ، وما نسمع عنه من اضطرابهم ، ومن تغير خططهم ، ومن ترددهم ، ومن كونهم كانوا يأملون سرعة فإذا هم في بطء وسهولة ، وإذا هم في عسر .. وائتلافٌ فإذا هم في اختلاف ، وإذا بنا نرى ما نرى مما قيل وإن كان صحيحا أو غير صحيح على وجه الدقة لكن الجملة ترشدنا إلى ذلك فتاة تدمر دبابة أو بندقية تعطب طائرة حتى لو كان ذلك صحيحاً أو لم يكن صحيحاً نقول إن الواقع كله برمته لاشك أنه غير طبيعي ، وإننا نقول إن كان في أهل القتال والمقاومة إخلاص وإسلام ، فنسأل الله أن يكون ذلك ؛ لأنهم كذلك وبدعاء المسلمين أمثالكم في شرق الأرض وغربها ، وذلك خير وأمر مهم لابد أن نحرص عليه .
الأمر الخامس: الدعاء والالتجاء إلى الله - عز وجل - وهذا أمر بين والله عز وجل قال: { أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْض } [ النمل: من الآية62 ]. لا أحد سوى الله - عز وجل - ليس لنا من دونه كاشف .. أخلصوا لله - عز وجل - وادعوه ، والتجئوا إليه ؛ فإن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - كان إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ، وفي معاركه كان الدعاء أمراً ظاهراً ، كما صنع في يوم بدر : ( اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلها وخيلائها تحاد الله ورسوله ، اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض أبدا ) وظل يدعو حتى سقط رداءه عن منكبه الشريف ، فقال له أبو بكر: "حسبك فإن الله منجز لك ما وعد " . ولابد أن نكثر من هذا الدعاء في صلاتنا ، وفي ليلنا ، وفي كل أحوالنا بإذن الله عز وجل ، وأيضا الإصلاح والتغيير : فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا }[ الأحقاف: من الآية13] . نحتاج إلى استقامة أحوالنا ، وصلاح أعمالنا ، ونبذ المخالفات الشرعية والمعاصي الآثمة ، وغير ذلك ، ونحن نعلم من أنفسنا قبل أن ننظر إلى غيرنا أننا مقصرون ومفرطون ، وأنه بسبب ذنوبنا وبسبب تقصيرنا وبسبب تفريطنا وعدم أداء واجباتنا سلط الله علينا ما سلط من هذا البلاء ، الذي يمحص فيه أهل الإيمان من أهل النفاق ، وقد قال سبحانه وتعالى : { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ } [ الروم:41 ] . { وَيَعْفُو عَنْ كَثِير } [الشورى: من الآية30 ] . وكما قال الله - عز وجل - للمسلمين من أصحاب النبي - عليه الصلاة والسلام - الذين كانوا مع سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم - ثم خالفوا أمرا من أوامره : { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ } [ آل عمران: من الآية165] . أصلحوا أنفسكم يصلح الله أحوالكم ، وهذه قضية مطّردة .. مواجهة أعدائنا بأمور كذلك مهمة من أهمها : المعرفة والتعريف : اعرف ما يجري ، واعرف حقيقة الأعداء ، وعرّف بذلك بدلاً من أن تنقل البلبلة والمشاكلة انقل فضائح الأعداء .. انقل مكرهم وكيدهم الذي يتربصون به بأهل الإسلام .. عرّف بأحوال المسلمين .. بأرض فلسطين ، وفي العراق ، وفي كشمير .. اجعل كل أحد يعيش مآسي المسلمين ، ويعيش مع إخوانه .. اقذف في القلوب العزة الإيمانية ، والقوة اليقينية ، واقذف في قلبه كذلك المشاركة الشعورية ، والأخوة الإيمانية ، والرابطة الإسلامية ؛ حتى نحيي هذه المعاني ، ونستحضر ما كان عليه الإسلام في عزه يوم قالت امرأة في أقاصي الأرض : " وامعتصماه " فسيّر لها المعتصم جيشا أوله عند الروم وآخره في بلاد المسلمين ، متى يكون ذلك إذا لم نحيي هذه المعاني .. إذا لم نعرف .. إذا لم نؤكد .. إذا لم نربط إذا لم نوثق نحتاج إلى هذا بقوة.
الأمر السادس : المقاطعة لأعداء الله وهي مقاطعة شاملة مقاطعة اقتصادية بترك الشراء لبضائعهم ومنتجاتهم ، ولعل هذا من أقل القليل ، ويعجب المرء عندما يقول : إن هذا لا ينفع ، ويخذل عن هذا : أخي لو لم يكن فيه نفع إلا أنك كلما أردت أن تشتري فامتنعت .. تذكرت أن هؤلاء أعداءك ، وتذكرت أنهم بأموالهم يقتلون إخواننا في فلسطين وفي العراق أو هنا أو هناك ، يكفي هذا فكيف إذا قلنا : إن ثلاثمائة وألف مليون مسلم إذا قاطعوا لا يؤثرون ؟ والعجيب اليوم وأنتم تقرؤون في صحف هذا اليوم من يدعوا للمقاطعة ؟ شعوب غربية ، وشعوب آسيوية بوذية ، ومن كل ملل ونحل الأرض تدعوا إلى مقاطعة أمريكا ؛ لأنها ظالمة وجائرة ؛ ولأنها معتدية على حقوق الإنسان ؛ ولأنها مخالفة للشرائع والقوانين الدولية ، ألذلك أمره يدعو إلى العجب أن يكون في غير أهل الإسلام وأهل الإسلام لا يفعلونه.
ومن ذلك عدم السياحة في بلادهم ، والاستثمار والمتاجرة في بلادهم ؛ حتى يكون لذلك أثر في أن يكون لهذه العلائق كلها بين أهل الإسلام ، وفي بلاد الإسلام فيها تكافل اقتصادي فتته وقطعه سيطرة هؤلاء .
نقطة مهمة - أيها الاخوة - أمران مهمان لابد من ذكرهما: الرؤى والأحلام والحديث عن أحاديث الفتن وآخر الزمان أمران مهمان لابد من التنبيه عليهما .. الرؤى والأحلام ليست أدلة شرعية ، ولا تبنى عليها أحكام عملية ، فمن رأى رؤيا خير فليحمد الله ، ومن رأى غير ذلك فليستعذ بالله ، أما أن يجعل رؤيته منهجاً ليسير عليه المسلمين ، ويقول رأى فلان كذا فافعلوا كذا وكذا ، ما علمنا هذا من قبل ، وليس هذا من أصول الشرع ، ولا من ثوابته .. من رأى خيرا استأنس به أو عمل ببعضه في خاصة نفسه مما هو من أصول الشريعة العامة فلا بأس ، لكن أن نجعل الآن الرؤى وفلان رأى وفلان سيقع وكذا . ومثل ذلك أحاديث آخر الزمان ثابتة صحيحة ، لكن تفسير معانيها وتطبيقها على الواقع لا يمكن الجزم به ، ولذلك يجزمون به .. ما الذي يحصل ؟ يحصل أمر مهم وهو غير مناسب مادام سيحصل هذا فلننتظر لا تعمل شيئاً .. كل واشرب وانتظر حتى يقع كذا ، أو يقع كذا ، أو تأتي كذا ، أو يحصل كذا .. ما هذا ؟ إن الإسلام طلب منا أن نعمل.. { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ } [ التوبة: من الآية105].
لا ينبغي أن ننتظر أنه سيكون مقتلة شرقي النهر وغربي النهر .. نؤمن بما ثبت من الأحاديث الصحيحة ، لكن من الذي سيفعله ؟ إذا لم أفعل أنا ولم تفعل أنت من الذي يقوم بهذا ؟ كل الناس ! هؤلاء إذا شاعت هذه الأمور قالوا انتظروا سوف يحصل كذا وكذا .. سننتظر ولا نعمل .. ما هذا ؟ هذا غير مقبول .. وأمر آخر أحيانا يدخل الإحباط إلى النفوس ، ويقولون ليس هناك أبدا حل ، ولا يمكن عمل شيء انتظر حتى يأتي شيء من الله ، وكأن الله - سبحانه وتعالى -لم يجعل سنة ماضية تطبقت على رسول الله - عليه الصلاة والسلام - لو كان الأمر ينصر بالخير لنصر الرسول صلى الله عليه وسلم من غير قتال ، فينبغي أن نتنبه لهذا ، وأن نلتفت إليه ، ولعلنا - كما قلت - هناك أمور كثيرة ينبغي الآن أن نستفرد منها ، ومنها وهي أمر مهم : الدعوة والإعلام لابد من أن ننشط الدعوة إلى الخير والإصلاح فيما بيننا ، وأن ننتبه وأن نحرص عليه ، وأن نتواصى به ، وكما قلت : ربما تكون الأمور كثيرة في مثل هذا ، وبعض الناس يسألون : أخي اصنع شيئا لنفسك أصلح نفسك وأصلح بيتك وأصلح إخوانك وبصر بقضايا المسلمين نحن معركتنا مع أعدائنا ليست هي المعركة في العراق وليست هي المعركة العسكرية أليسوا يريدون أن يغيروا مناهج التعليم فمن يتصدى لهم أليسوا يريدون أن يحرروا المرأة لتكون امرأة منحلة لا حشمة لها ولا حياء من يتصدى لهذا أليسوا يريدون أن يجعلوا أنظمة حكمنا لا تحكم شرع الله عز وجل من يقف في وجه هذا إن كل من يعمل في هذه الأبواب هو مجاهد في سبيل الله ومرابط كمرابطة الجهاد ليست الأمة كلها تندفع إلى ميدان واحد كما قال الله عز وجل: { فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }(التوبة: من الآية122). هذا التنبيه الرباني قال فيه الخطيب البغدادي في مقدمة الفقيه والمتفقه قال: " فكانت الأمة طائفتان أمة تجاهد ، وأمة تعلم وتدعو ، وبيّن أن كل طائفة تكمل الأخرى ، فلا يعني أن تكون في ميدان دعوة وإصلاح وعمل وبيان أنك متخاذل ، أو أنك نائم ينبغي لنا أن نحصر نصرة الإسلام في حال واحد ، وصورة واحدة .. إما أن تقاتل ، وإما أنك لا تعمل شيئا بين ذلك القتال المباشر في الميادين في سبيل الله وبين البلوغ إليه خطوات كثيرة ، وأعمال عظيمة ، ومن نظر إلى ما قاله ابن القيم في مقدمة زاد المعاد قال: " إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جاهد المشركين باللسان والبيان قبل أن يجاهدهم بالسنان " وبيّن أن جهاده في الميادين الأخرى غير الجهاد كان أبلغ وأقوى وأكبر كما قال الله عز وجل : {َ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيرا } [ الفرقان: من الآية52 ] . جاهدوا بأنفسكم .. جاهدوا بأموالكم .. جاهدوا بإصلاح أنفسكم ..جاهدوا بالدعوة إلى الله عز وجل .. جاهدوا بهذه الميادين كلها ، وجاهدوا حينئذٍ تكونون مهيئين أن تجاهدوا عدوكم في ميادين القتال ؛ لأننا نرى أن الناس يقولون افعل كذا وإلا فليس فيك خير ، من يصنع هذا يخذل الأمة ، ويضعّف من طاقاتها ، ونحن نريد غير ذلك ، والحمد لله رب العالمين | |
|
| |
| الإيمان والأمان في مواجهة العدوان | |
|