تمهيد:
سبب اختيار الموضوع : -
ضرورة البحث الأخلاقي، وهل هو مختص بالفئة النخبوية من الناس.
هنالك أمران نعتقد بأن الجميع مطالب بهما، وهما: العلم والأخلاق، وهناك -مع الأسف- من يرى أن النخبة فقط هم المعنيون بذلك.. والحال بأننا نلاحظ في حياة النبي وآله (ع)، أن الفئة الملتفة حولهم كانوا من الطبقة الاجتماعية العامة.. حيث كان فيهم التمار، والزيات، وأصحاب الحرف المختلفة.
ولم نشهد وجود أماكن مختصة بجماعة، يطلبون العلم وينفق عليهم من بيت المال. بل إن الطبقة الاجتماعية كلها كانت تسعى في هذا المجال، وهم الذين نقلوا لنا هذا التراث الروائي الضخم.. فإذن، هذا من جانب العلم. أما من جانب الأخلاق، فالإنسان في هذه الحياة الدنيا، لابد وأنه سيواجه ذلك اليوم، الذي سيسأل عن عمره فيما أفناه؟..
وعن ماله فيم أنفقه؟.. إذ من المعلوم أن الإنسان في هذه الفترة القصيرة من عمره، سيرسم حياته الأبدية سعادة وشقاءً. ومن هنا فإنه الضروري أن نعلم كيف نتقرب إلى واهب الوجود، وكيف نحول العلاقة إلى علاقة معايشة، بمعنى أن نحقق حالة العبودية، كما هو الحال في الزوجية والأمومة والوظيفة وما شابه ذلك.. فهل فكرنا يوما من الأيام، بأننا عبيد بين يدي الله عز وجل؟!..
إن الإحساس بالعبودية لها لوازمها الكثيرة، من التعبد والتأدب بين يدي المولى.. وعليه، أعتقد بأن هذا الأمر مما يعنى به الجميع، وبمراجعة سريعة لحياة السلف الصالح، نلاحظ أن في هؤلاء قسم من النخبة من العلماء والمفكرين، وآخر من الصالحين من الطبقات الكادحة، والتي لا تشار إليها بالبنان
عبارة عن المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني ، والتي يحددها الوحي لتنظيم حياة الإنسان على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على الوجه الأكمل والأتم ويتميز هذا النظام الإسلامي في الأخلاق بطابعين :
الأول : أنه ذو طابع إلهي، بمعنى أنه مراد الله سبحانه وتعالى .
الثاني : أنه ذو طابع إنساني أي للإنسان مجهود ودخل في تحديد هذا النظام من الناحية العملية . وهذا النظام هو نظام العمل من أجل الحياة الخيرية ، وهو طراز السلوك وطريقة التعامل مع النفس والله والمجتمع .
وهو نظام يتكامل فيه الجانب النظري مع الجانب العملي منه، وهو ليس جزء من النظام الإسلامي العام بل هو جوهر الإسلام ولبه وروحه السارية في جميع نواحيه :إذ النظام الإسلامي –على وجه العموم –مبني على مبادئه الخلقية في الأساس ، بل إن الأخلاق هي جوهر الرسالات السماوية على الإطلاق فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) فالغرض من بعثته –صلى الله عليه وسلم – هو إتمام الأخلاق ، والعمل على تقويمها ، وإشاعة مكارمها ، بل الهدف من كل الرسالات هدف أخلاقي ، والدين نفسه هو حسن الخلق .
ولما للأخلاق من أهمية نجدها في جانب العقيدة حيث يربط الله سبحانه وتعالى ورسوله –صلى الله عليه وسلم –بين الإيمان وحسن الخلق ، ففي الحديث لما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم : أي المؤمنين أفضل إيمانا ؟ قال صلى الله عليه وسلم : (أحسنهم أخلاقاً ) ثم إن الإسلام عدّ الإيمان برا، فقال تعالى : ((ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ، ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين )) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (البر حسن الخلق ) والبر صفة للعمل الأخلاقي أو هو اسم جامع لأنواع الخير.
وكما نجد الصلة بين الأخلاق والإيمان ، نجدها كذلك بين الأخلاق والعبادة إذ إن العبادة روح أخلاقية في جوهرها لأنها أداء للواجبات الإلهية. ونجدها في المعاملات –وهي الشق الثاني من الشريعة الإسلامية بصورة أكثر وضوحاً .
وهكذا نرى أن الإسلام قد ارتبطت جوانبه برباط أخلاقي ، لتحقيق غاية أخلاقية ، الأمر الذي يؤكد أن الأخلاق هي روح الإسلام ، وأن النظام التشريعي الإسلامي هو كيان مجسد لهذه الروح الأخلاقية .