باب قتل الخطأ وعلى من تجب فيه الدية والكفارة
كل ما وقع من فاعله من غير قصد ولا ارادة فهو خطأ ووجوه الخطأ كثيرة جدا كالدفعة الخفيفة والمصارعة والضرب الذي لا يؤلم كثير ألم أو كالرجل يرمي غرضا فيصيب انسانا أو يرمي المشركين بمجنيق وغيره فيصيب مسلما وما كان من أدب الرجل امرأته أو من يعهد منه الأدب السالم في الأغلب وما جاء على اللعب ومن ذلك فعل المجنون والمعتوه والصبي الصغير حتى يحتلم وجناية الطبيب والختان إذا كانا معروفين بالاحسان وما يتولد من فعل النائم كامرأة انقلبت على ولدها فقتله وما كان مثل هذا كله فالدية فيه على عاقلة القاتل وهم عصبته وهو واحد منهم وعليه في خاصة نفسه عتق رقبة ان كان واجدا والا صيام شهرين متتابعين وليس زوج المرأة ولا ولدها ولا أخوتها لأمها من عصبتها ولا يحمل الدية من العاقلة الا حر ذكر بالغ دون النساء والصبيان ومن استعان صبيا حرا في شيء من الغرر والخطر فعطب به ضمن ديته وحملتها عنه عاقلته ولا تحمل العاقلة من جناية الخطأ إلا ما كان ثلث الدين فصاعدا يتجم ذلك عليهم في ثلاث سنين الثلثان في سنتين والثلث في سنة فان كان النصف أو ثلاثة أرباع ففيها قولان احدهما انه في سنتين والآخر ان ذلك مردود الى اجتهاد الحاكم ويؤخذ من كل واحد منهم قدر جدته ما لا يجحف به على قدر غناه وفقره من درهم الى مائة والى الف ولم يحد مالك في ذلك حدا وانما هو ما سهل عليه والشأن فيه التخفيف ويبدأ فيها بالأقرب فالأقرب من العصبة من بني ابيه ثم بني أبي جده ولا يؤدي غني عن فقير ولم يراع مالك الديوان ولا اعتبر به في المعاقلة وقال قد تعاقل الناس قبل الديوان والموالي بمنزلة العصبة والقرابة فإن لم يكن في فخذ الرجل وبطنه وقبيله من يحمل العاقلة ضم إليهم أقرب القبائل بهم ويعقل عمن لا عاقلة له من بيت مال المسلمين ولا تحمل العاقلة دية من قتل نفسه ولا عبدا لأنه مال ولا تحمل العاقلة جناية الأموال ولا تحمل من الدماء ما كان عمدا أو اعترافا على اختلاف من قول مالك في الاعتراف من قتل الخطأ وهذا هو الصحيح عندنا ان شاء الله ولمالك وأصحابه في المعترف بقتل الخطأ أربعة أقوال أحدها أنه لا شيء عليه ولا على عاقلته والآخر أنه يقسم ولاة المقتول مع قوم القاتل ويستحقون الدية على عاقلته والثالث ان الدية كلها واجبة عليه في ماله والرابع ان الدية تقضي عليه وعلى عاقلته فما أصابه غرمه وما أصاب العاقلة سقط عنها وتحمل العاقلة من جناية الكبير خطأ والصغير المميز ما لم يحتلم عمدا وخطأ ما كان ثلث الدية فصاعدا وما كان دون ذلك ففي مال الجاني ودية المقتول عمدا إذا قبلت في مال القاتل واختلف قول مالك في ما لا قصاص فيه من جراح العمد كالجائفة والمأمومة ونحوها فروي عنه ان ذلك على العاقلة وروي عنه ان ذلك في مال الجاني في المأمومة والجائفة يبدأ بماله فان عجز عن العقل كان الباقي على العاقلة وعاقلة الذمي أهل جزيته والكفارة في قتل الخطأ واجبة ولا كفارة في قتل عمد ولا في قتل كافر ولا عبد إلا أنه استحب مالك الكفارة في قتل العبد خطأ والكفارة عتق رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع انتظر القدرة وليس هاهنا اطعام ولا يجزئه إن أطعم وإذا قتل جماعة رجلا خطأ فعلى عواقلهم دية واحدة وعلى كل واحد منهم كفارة تامة